المجال السياسي:
استمرار تنكر السلطة الفرنسية لمطالب الشعب الجزائري
التوسع في تطبيق سياسة الاضطهاد و النفي و التشريد في حق مناضلي الحركة الوطنية، الذين رغم وسائل القمع واصلوا نشاطهم المعادي للمخططات الاستعمارية
فشل الاصلاحات الفرنسية وعجزها عن تهدئة الأوضاع المتردية من خلال دستور 1947
المجال الاقتصادي و الاجتماعي
امتازت هذه الفترة بتدهور الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية للشعب بسبب احكام قبضة المعمرين على الحياة الاقتصادية و عدم ظهور أية مبادرة في الأفق القريب لتغيير هذا الوضع
الظروف الخارجية:
انهيار الاستعمار الفرنسي في عدد من بلدان العالم الثالث و خاصة في الهند الصينية " انتصار ثورة الفيتنام سنة 1954 -
تصاعد الكفاح المسلح ضد الاستعمار في كل من تونس و المغرب الأقصى و انتصار الثورة في مصر سنة 1952 -
نشاط المنظمات العالمية و الاقليمية " هيئة الأمم المتحدة ـ جامعة الدول العربية" التي ساهمت في التعريف بقضايا الشعوب المستَعْمَرة و - الدعوة الى حقها في تقرير المصير
مساندة كتلة الدول الاشتراكية لقضايا تحرر الشعوب -
ظهور كتلة دول الأفرو آسيوية المعادية للإستعمار -
.كل هذه الظروف كانت بمثابة عامل مشجع ساعدالشعوب المستعمرة على التحرك السياسي و العسكري و منها الجزائر
أسباب قيام الثورة :
تبلور فكرة القيام بالعمل المسلح لمواجهة السياسة الاستعمارية خاصة بعد حوادث 8 ماي 1945 -
ظهور المنظمة العسكرية السّرية للاعداد للثورة المسلحة ابتداء من سنة 1947 -
نمو العمل التنظيمي و الوعي السياسي لدى الشباب الثوري -
تصميم الطلائع الثورية على تحرير الشعب من الاستعمار -
سوء الأحوال الاقتصادية و الاجتماعية للشعب -
ازدياد حملات القمع و الاضطهاد من طرف السلطات الاستعمارية بعد اكتشاف أمر نشاط المنظمة العسكرية السّرية -
أما المباشر الذي عجل بتنفيذ فكرة العمل المسلح هو أزمة حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية و انقسامه على نفسه و بروز اللجنة الثورية .للوحدة و العمل سنة 1953 التي وضعت حدا للخلافات الحزبية بتحولها الى جبهة التحرير الوطني المفجرة لثورة التحرير الخالدة
اندلاع الثورة المسلحة:
الشعب الجزائري لم يرض ابدا بالاستعمار الفرنسي و حاول بإصرار شديد طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر تحرير البلاد بقوة السلاحغير أن الظروف آنذاك لم تكن في صالحه . و بعد الحرب العالمية الثانية أخذت أسباب القيام بالعمل المسلح متوفرة على المستويين الداخلي و الخارجي ، و في أول نوفمبر 1945 اندلعت الثورة المسلحة ضد الاستعمار بقيادة جبهة و جيش التحرير الوطني بطريقتين:
الطريقة الأولى:
الهجومات العسكرية و الفدائية التي خطط لها و نفذها المجاهدون هذه الليلة عبر التراب الوطني
الطريقة الثانية:
اصدار بيان أول نوفمبرهذه الليلة ، ووزع صباح أول نوفمبر تضمن بوضوح الأسباب التي دعت للقيام بالعمل المسلح ن و حدد طريقة العمل الثوري لتحقيق المطالب الوطنية المتمثلة في حرية البلاد و استقلالها.
الثورة التحريرية الكبرى بالمنطقة:
استقبل سكان المنطقة أنباء إعلان الثورة بتكوين الخلايا ، و جمع التبرعات و الأسلحة استعدادا للمشاركة في الثورة عملا بأوامر قيادة المنطقة الخامسة التي أمهلتهم إلى أن تصل الأسلحة من المغرب ، و أثناء هذه الفترة ، جندت فرنسا جيشا من رجال و شباب المنطقة إجباريا و قادتهم إلى مغنية التي كانت الثورة فيها مشتعلة في 1955 م ، و فر هؤلاء من الجيش الفرنسي و التحقوا بالثورة ، كما إنخرط فيها شباب المنطقة في جهات أخرى سنة .1955 م
و في سنة 1956 م فر الشباب المجند في الجيش الفرنسي من أبناء المنطقة العائد من حرب الهند الصينية من القنيطرة بالمغرب
و في 15 جوان 1956 م صدر الأمر الرسمي من قيادة المنطقة الخامسة ن الولاية الخامسة ، للإنطلاق في العمل العسكري ، حيث بدأت بتوزيع المناشير إعلانا ببدء الثورة و القيام ببعض الأعمال التخريبية مثل مهاجمة محطات القطار و قطع خيوط الهاتف و تفجير قاعات السينما و المطاعم و نسف الجسور و إحراق ورشات الحلفاء التي يملكها المعمرون ، و هكذا أصبح العمل العسكري و الفدائي و السياسي متواصلا إلى غاية الإستقلال
أما فرنسا فقد واجهت هذه التنظيمات الثورية و عملياتها الناجحة بضراوة وجنون ، ببناء مراكز المراقبة على طول الحدود و الطرق ، و حول المدن و القرى و مراكز القصف و الرادارات ، و مد الأسلاك الشائكة الثلاثية الخطوط الملغمة و الشائكة و المكهربة ، و تفريغ منطقة محرمة بين الحدود و هذه الأسلاك ، و إقامة المحتشدات لفصل الشعب عن الثورة و قطع طرق الإمداد و الدعم ، و لكن رغم هذه التحصينات العسكرية التي ضيقت الخناق على الثورة ، فإن الشعب لم يتراجع عن إمداد الثورة بالمؤن و الذخائر و الرجال و القيام بعمليات عسكرية و معارك كبيرة ، استعملت فيها فرنسا الأسلحة المحرمة دوليا ، و قمعت الشعب بوسائل التعذيب و الإضطهاد في مراكز التعذيب الجهنمي ، هذا القمع الذي لم يزد الشعب إلا إصرارا على الإندماج في الثورة و دعمها
كما أن هذه المنطقة كانت منطقة عبور و إمداد ، من الشمال الى الجنوب و من المغرب إلى الداخل ، و قاعدة إستراتيجية ، عمل فيها كثير من قادة الثورة و خاصة قيادة الولاية الخامسة " بومدين ـ لطفي ـ بوصوف ـ عبد الغني ـ مراد ـ عقبة ـ عثمان ......" كما كانت جبالها المحصنة .ملتقى الثوار و القيادات الثورية التاريخية
وكان سكان المنطقة على موعد مع العديد من المظاهرات و الإنتفاضات التي دعت إليها جبهة و جيش التحرير الوطني ، و ذهب فداء للوطن و حريته .و إستقلاله قوافل من الشهداء الأبرار
الولايات التاريخية :
الولاية لأولى : الأوراس ـ النمامشة
الولاية الثانية : الشمال القسنطيني
الولاية الثالثة : بلاد القبائل
الولاية الرابعة: الجزائر العاصمة و ضواحيها
الولاية الخامسة : الجنوب الوهراني
الولاية السادسة : تشمل الصحراء الجزائرية
: يتألف جيش التحرير من:
- المجاهدون : الجنود الذين يرتدون اللباس العسكري و هي قوة جيش التحرير الوطني ، يقاتلون العدو في كل الميادين
- المسبلون: قوة احتياطية لجيش التحرير ينتظر أفرادها دورهم للتجنيد ، يمونون الجيش ويزودونه بالأخبار و ينقلون المؤن و الذخائر من جهة إلى أخرى و يراقبون تحركات العدو ومساعدة جيش التحرير في تنقلاته في مختلف الاتجاهات ، فهم بمثابة الأعين و الآذان و الأعضاء في الجسم الحي بالنسبة للثورة
- الفدائيون : هم طاقة الثورة و الكفاح المسلح في المدن و القرى يواجهون الأخطار و الموت بشجاعة
وحدات جيش التحرير:
نصف الفوج : يتركب من 5 جنود ويرأسه قائد برتبة جندي أول
الفوج : يتركب من 11 جندي ويرأسه قائد برتبة عريف
الفرقة : تتركب من 35 جندي ويرأسه قائد برتبة عريف أول
الكتيبة : تتركب من 110 جندي ويرأسه قائد برتبة مساعد
الفيلق : يتركب من 350 جندي ويرأسه قائد برتبة ملازم أول
- الثورة التحريرية الكبرى- الولاية الخامسة
تحتل الولاية الخامسة مساحة شاسعة من التراب الوطني و تتمتع بموقع استراتيجي ذا أهمية فعالة ، فهي تتفتح على البحر ، و تحادي العديد من الدول الافريقية ، إذ يحدها من الغرب المغرب و من الجنوب الغربي الصحراء الغربية و موريتانيا و من الجنوب الشرقي مالي و النيجر كما تحدها جهات من الولايةالسادسة
إن هذا الامتداد الجغرافي الشاسع و الموقع الاستراتيجي أهّلها أن تضطلع بدور هام من حيث الامداد اللوجيستيكي للتموين ، و التموين بالاسلحة و الذخيرة ، ومن حيث التمركز الكثيف لجيش التحرير الوطني
انطلاقا من هذا المنظور الحساس ، شدد الاستعمار الفرنسي الخناق عليها ، و ضاعف بها مراكزه و أبراجه العسكرسة ، و حشد بها قوات هائلة من الجيش ، و شيد بها أكبر الثكنات العسكرية بالاضافة الى فيالق التدخل السريعة لمختلف المناطق و أحاط المناطق المتاخمة لحدودها بالأسلاك الشائكة المكهربة و احدث بها مناطق محرمة ملغومة ، و جهزها بالأضواء الكاشفة و آلات التجسس المتطورة
و من جهة ثانية ظلت الولاية الخامسة نقطة عبور و اتصال بين الداخل و الخارج ، و همزة وصل بين باقي ولايات الوطن ، ونظرا لهذه المعطيات ظلت الولاية ساخنة ، فسجل التاريخ فيها أكبر الملاحم البطولية في معرك مختلفة بقيادة العربي بن مهيدي ثم بعده العقيد لطفي
لقد تميزت الولاية بعدة خصائص و مميزات منها التركيز على الامكانيات المحلية لمواجهة العدو و خاصة بعد إقامة السدود المكهربة ، الاسلاك الشائكة على طول الحدود المغربية و نظرا لشساعة الولاية فقد قسمت في البداية الى عدة أقسام هذا بعد اندلاع الثورة التحريرية ، اما بعد مؤتمر .الصومام فقد تحور التقسيم السابق و أصبحت الولاية مقسمة الى مناطق
المنطقة1: تلمسان و ضواحيها
المنطقة2: ندرومة و الغزوات
المنطقة3: تموشنت و ضواحيه
المنطقة4: وهران و مستغان
المنظقة5: بلعباس و نواحيها
المنطقة6: سعيدة و معسكر و نواحيها
المنطقة7: تيارت و ضواحيه
المنطقة8: بشار ـ النعامة ـ البيض ـ أفلو
- الثورة التحريرية الكبرى - المنطقة الثامنة
أُنشئت المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة بغرب الوطن بعد تقسيم التراب الوطني الى ولايات ، مناطق ، نواحي و أقسام بحيث كانت تخضع لحكم اداري عسكري استعماري يعتمد على السلب و .النهب و الإبادة الجماعية لسكان المنطقة التي تبلغ مساحتها أكثر من تسعمائة ألف كلم مربع
. عرفت بالناحية الغربية و وتكونت في البداية بها ثلاثة أقسام
. القسم 13 : و يشمل منونات و جبل بني أسمير -
القسم 14 : و يشمل عين الصفراء و المشرية -
القسم 15 : و يشمل ناحية البيض و ما جاوره -
أما بعد مؤتمر الصومام فقد تحور التقسيم السابق ، و أصبحت الناحية الغربية تعرف باسم المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة ، و تمتد حدودها :من جبال العمور بأفلو حتى الحدود المغربية ، :و تبعا لذلك قسمت المنطقة الى أربع نواحي هي
ـ الناحية الأولى وكانت تعرف من قبل بالقسم الثالث عشر
ـالناحية الثانية و كانت من قبل تعرف بالقسم الرابع عشر
ـ الناحية الثالثة و كانت من قبل تعرف بالقسم الرابع عشر
و تبعا لذلك أيضا فقد قسمت النواحي إلى أقسام
القسم الأول : و حدوده جبل بني أسمير -
القسم الثاني : و حدوده سلسلة جبال مير الجبال ، أمزي ، مغرار -
القسم الثالث : و حدوده سلسلة جبال مكثر ، بولغفاد ن و النصف الغربي من جبل عيسى -
القسم الرابع : و حدوده سلسلة جبال مرغاد، تانوت ، بوداود ، المالحة و الجانب الشرقي من جبل عيسى -
و نظرا لخصوصيات المنطقة الطبيعية و الاستراتيجية المتمثلة في سلسلة جبال الأطلس الصحراوي ذات المسالك الوعرة ساعدت على التفوق التكتيكي لوحدات جيش التحرير الوطني و تحدي التفوق الآلي البري و الجوي لجيش العد
علما أن كل الاتصالات البرية للعدو كانت تمر من وهران الى تندوق عبر بشار و أيضاعن طريق السكك الحديدية من وهران الى بشارالتي تعرضت الى كثير من عمليات التحطيم و التخريب و التي اطلقت عليها الصحافة الفرنسية آنذاك ـ معارك السكك الحديدية ـ و التحطيم الكلي و النهائي للخط الحديدي الرابط بين القاعدة الفرنسية بمكناس ـ المغرب ـ و بشار الذي كانت له .اهمية لو جيستيكية بين هاتين القاعدتين
إن أهالي هذه المنطقة لم يكونوا بحاجة الى تكوين سياسي و ايديولوجي خاص ليقتنعوا بضرورة .وواجب الجهاد لتحرير الأرض من المغتصب .الكافر
إن الحركات الجهادية التي قام بها سكان المنطقة ـ التي كانت همزة وصل و اتصال و نقطة عبور و محطة ترحال و بوابة افريقيا عبر العصور ـ سواء في الفتوحات الإسلامية أو من خلال ثوارات الأمير عبد القادر و أولاد سيدي الشيخ و الشيخ بوعمامة و الانتفاضات المتتالية الى غايةالفاتح من نوفمبر 1954 أوجدت تراكما جهاديا لديهم أهّلهم أن يستوعبوا مبادئ و استراتيجية الثورة التحريرية ، لذلك لم يكن عسيرا .عليهم اعتبار الجهاد ضده واجبا إسلامي
العمليات العسكرية لجيش التحرير الوطني بالمنطقة
يتعذر ذكر كل العمليات العسكرية التي قام بها جيش التحرير الوطني ضد جيش العدو بالمنطقة ، لذلك فالتركيز سيقع على نوعية العمليات لا على عددها ، لكثرتها أولا و لأن المنطقة متعددة التضاريس و المناخات ممّا نتج عنه تكييف تكتيك العمليات العسكرية حسب ما تمليه الظروف المناخية و التضاريسية في كل جهة من جهات المنطقة ، و حسب هذا المنظور يمكن :ذكر نوعية العمليات العسكرية التي كانت معتمدة في :المنطقة كما يلي
العمليات المعتمدة في العرق الغربي الكبير :
.ـ تحطيم شركات التنقيب عن البترول التي كانت متمركزة في العرق و معارك تيميمون في .اكتوبر1957 شاهدة على ذلك
إن هذه العمليات كذبت ادعاءات العدو بعدم انتشار الثورة في العرق و المدن التاخمة له جنوبا ، و ساعدت على إفشال مخطط العدو القاضي .بفصل الصحراء عن الشمال الجزائري
العمليات المعتمدة في جبال المنطقة ووهادها :
إن العدو و بما أنه كان يستعمل الطائرات و مدافع الدبابات و بطاريات المدافع و الصواريخ ، و لكي تتفادى وحدات جيش التحرير الوطني المتمركزة في الجبال و الوهاد نيرانها ن كانت تعتمد خطة التخفي و ترك الجيش الفرنسي يقترب منها مما يضطر العدو اما إلى التخلي عن القصف بالطيران و المدافع و الصواريخ أو يصبح جيشه هدفا لقصفه ، مما يؤدي في كثير من الأحيان .الى تلاحم الجيشين بالسلاح الأبيض
العمليات المعتمدة في الأراضي الواطئة ـ المرت ـ :
ـ نسف الجسور
ـ تخريب خطوط السكك الحديدية
ـتلغيم الطرقات و المسالك و حتى المطارات العسك ية
تلغيم منابع المياه التي كانت تستعمل من طرف الجيش الفرنسي -
ـ تحطيم أسلاك و أعمدة الهاتف
ـ إزالة الألغام من خط موريس و إعادةاستعمالهاضد العدو
ـ نسف الأسلاك الشائكة المكهربة لخطي شال و موريس بالرغم من بعد المسافة بينها و بين الحدود المغربية ، و بالرغم من عددها الذي بلغ .ثمانية ملايين و ست مائة ألف لغم من مختلف .الأشكال و الأحجام
و ما يمكن استنتاجه من كل هذه العمليات المختلفة في نوعيتها انها كانت حربا نفسية على العدو و أشعرته بمدى قوة و نجاعة تكتيك جيش التحرير الوطني ، الأمر الذي أدى بكثير من عناصر اللفيف الأجنبي الى الإلتحاق بالمجاهدين قصد تهريبهم إلى أوطانهم الأصلية عبر .الحدود الغربية
كما أدى كذلك إلى اهتمام الصحافة الأجنبية بما يجري في المنطقة بحيث زارت المنطقة عدة بعثات صحفية من مختلف الجنسيات قصد التعرف عن الاطلاع على مجريات أحداث الثورة .بالمنطقة
كما يجب التذكير بان الجيش الإستعماري لم يدخر جهدا لأفشال الثورة بالمنطقة ، إذ أنه إعتمد سياسة الأرض المحروقة و أنشأ المناطق المحرمة و جمع القبائل البدوية في محتشدات محاطة بالأسلاك الشائكة المحروسة و ذلك قصد فصل الشعب عن المجاهدين بهدف قطع التموين عنه